وجهت غزلان بنجلون، نائبة رئيسة المرصد الوطني لحقوق الطفل، الذي ترأسه الأميرة للا مريم، نداء عاجلا إلى الأسر لضمان تطعيم أطفالها ضد مرض الحصبة الذي يعرف انتشارا واسعا منذ شتنبر 2023.
وقالت بنجلون في ندوة صحافية نظمها المرصد مساء أمس الخميس، بحضور ثلة من المسؤولين والمختصين، إنه “لا يمكن تحقيق مكافحة داء الحصبة بشكل كامل ومستدام إلا من خلال العمل متعدد القطاعات المنسق بشكل فعال”.
وأكدت بنجلون أن “قضية الانتشار السريع لهذا المرض تكتسي أهمية أكبر لأنها ترتبط بقضايا وتحديات أساسية أخرى، مثل المعلومات المضللة”.
وأضافت أن عدد الحالات المسجلة في الأشهر الأخيرة يسلط الضوء على أهمية التطعيم، موضحة أنه “على عكس الاعتقاد السائد منذ فترة طويلة، فإن هذا المرض ليس حميدًا، بل هو مرض خطير، ويمكن أن يسبب مضاعفات لدى الأطفال والبالغين”.
وتابعت بأن “التطعيم الفعال فقط هو القادر على حماية الأطفال، وكذلك البالغين، من هذا المرض المعدي”، موجهة نداء عاجلا إلى الأسر لضمان تطعيم أطفالها.
وواصلت المتحدثة قائلة: “يبدو لي أيضًا أنه من المهم إنشاء نظام إنذار مبكر لحملات التوعية بالتطعيم بشكل منتظم في المناطق النائية في مملكتنا. الحصبة مرض يمكننا القضاء عليه؛ يتعين علينا تكثيف جهودنا لحماية أطفالنا”.
وفي هذا الصدد، أعلن محمد بنعزوز، المسؤول عن البرنامج الوطني للتمنيع رئيس مصلحة حماية صحة الطفل بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، أن الحملة التي أطلقتها الوزارة لاستدراك التلقيح بشأن الحصبة تفاعل معها أقل من نصف الفئة المستهدفة.
وقال بنعزوز: “منذ إطلاق الحملة الاستدراكية للتلقيح وحتى 27 يناير، استطعنا الوصول إلى معدل تحقق يبلغ 82.5 بالمائة من الفئات المستهدفة، لكن للأسف لا يزال هناك تأخر في معدل الاستدراك باللقاح، تمكنا فقط من استدراك ما يقارب نصف الفئة المستهدفة من حيث التطعيم ضد الحصبة، وهذا يدعونا إلى التواصل بشكل أكبر”.
وذكر المسؤول عن البرنامج الوطني للتمنيع أن “اللقاح ضد الحصبة هو لقاح قديم تم استخدامه في برنامج التحصين الوطني منذ أكثر من 40 عامًا، وهو لقاح آمن وفعال وعالي الجودة ومتاح مجانًا في جميع مرافق الرعاية الصحية الأولية”.
وأبرز أن “المغرب، قبل جائحة كوفيد، كان في مرحلة ما قبل القضاء على الحصبة، إذ إن وزارة الصحة قدمت النسخة الأولى من وثيقة توضح الوضعية إلى منظمة الصحة العالمية للحصول على شهادة القضاء على مرض الحصبة في ذلك الوقت، لكن ظهور الوباء قلب كل شيء رأسًا على عقب ودفعنا إلى الوراء”.
وأضاف: “من الضروري ضمان المراقبة الوبائية الكافية، وفقا لمعايير محددة جيدا، وتحقيق هدف القضاء على المرض، كما قيل بشكل جيد، وهو أن يكون لدينا أقل من حالة واحدة لكل مليون من السكان”.
من جانبه، قال محمد اليوبي، مدير مديرية علم الأوبئة ومحاربة الأمراض بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، إن “عدد حالات بوحمرون المسجلة منذ شتنبر 2023 لم يتم تسجيلها منذ عام 1987″، مفيدا بأنه منذ عام 2002، ومع “التقديم التدريجي للجرعة الثانية من اللقاح في المدارس”، بدأ انخفاض عدد الحالات المسجلة كل عام، “ثم تعزز ذلك من خلال حملات التطعيم التي نظمناها في عامي 2008 و2013-2014 على التوالي”.
أما الركيزة الثانية في اتجاه القضاء على “بوحمرون”، بحسب اليوبي، “تتلخص في إنشاء نظام مراقبة وبائي فعال للغاية لتمكين الكشف السريع عن جميع الحالات، ليس فقط من الحصبة، بل جميع الحالات التي تشبهه، ويرتكز هذا النظام على التحقق من جميع الحالات والتأكد من أن الأمر يتعلق أو لا يتعلق بالحصبة، وإذا كان الأمر يتعلق بمرض الحصبة، فيجب التفاعل بالطريقة الأكثر ملاءمة لتجنب حدوث حالات أخرى”.
وذكر اليوبي أن بتاريخ 14 أكتوبر 2023، “تلقينا إخطارًا في إطار نظامنا الوطني للمراقبة الوبائية عن بعض الحالات المجمعة تنتمي إلى المنطقة نفسها، تأكد فيما بعد أنها حصبة (…) وفي شهر واحد، وصل عدد الحالات إلى 138 حالة، مع وجود بعض الحالات التي ظهرت عليها الأعراض بالفعل، مع مضاعفات سريرية خطيرة إلى حد ما، وبالتالي تم إدخال المصابين إلى المستشفى، وبعضهم تم إدخاله إلى العناية المركزة، وتم تسجيل حالة وفاة واحدة بالفعل”.
من جانبه، تحدث محمد بوسكراوي، رئيس “SOMIPEV”، عن بعض خاصيات داء الحصبة، قائلا إنه “مرض ينتقل عن طريق الجهاز التنفسي”.
وأوضح بوسكراوي أن “بوحمرون مرض معدٍ له فترة حضانة، أي الفترة التي يدخل فيها الفيروس إلى الجسم حتى اللحظة التي يتكاثر فيها، أي الفترة الخالية من الأعراض، التي تستمر حوالي عشرة أيام. وبعد ذلك تأتي فترة العدوى، مع الأعراض الأولية للمرض، وخاصة الجهاز التنفسي، عندما يكون هناك التهاب في الغدد، والالتهاب الرئوي. وبعد ذلك يأتي الطفح الجلدي الكلاسيكي، يبدأ في الوجه، خلف الأذنين، ثم ينتشر إلى الجذع والأطراف”.
بدوره، قال سعيد الزوهير، عميد كلية الطب والصيدلة بمراكش، إن “هذا الفيروس، على الرغم من قدرته على العدوى، يظل فيروساً هشاً في البيئة، لا يتكاثر إلا حينما ينتقل عن طريق الجهاز التنفسي”.
وأكد الزوهير أن “فيروس الحصبة هو أحد أكثر الفيروسات عدوى في العالم”، موضحا أن “هذا الفيروس يمكن أن يبقى لمدة تصل إلى ساعتين بعد مغادرة المكان، أي إن الشخص الذي يصاب بالعدوى عندما يعطس أو ينبعث منه الهباء الجوي، حتى بعد أن يتنفس، بمجرد مغادرة المكان، تظل الفيروسات معلقة في الهواء، بل وتترسب على الأسطح، وبالتالي تظل معدية حتى بعد مغادرة الفرد الملوث”.