من لوس أنجلوس إلى نيويورك.. كيف دمرت الحرائق أحياء سكنية بأكملها؟ (فيديو+صور)

من لوس أنجلوس إلى نيويورك..  كيف دمرت الحرائق أحياء سكنية بأكملها؟ (فيديو+صور)

كتبت:- سهر عبد الرحيم:

تشهد الولايات المتحدة منذ أيام موجة هائلة من الحرائق التي اندلعت في مناطق متفرقة من مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، والتي تسببت في نزوح الآلاف من الأشخاص وتدمير أحياء سكنية بأكملها، ثم حرائق ولاية نيويورك والتي التهمت مبانٍ سكنية بالكامل.

واندلع حريق هائل في مدينة مدينة برونكس بولاية نيويورك، أمس الجمعة، تسبب في إصابة 7 أشخاص بينهم رجال إطفاء، وطالت النيران 3 مبانٍ نتيجة هبوب رياح بسرعة تتراوح بين 20 إلى 30 ميلًا في الساعة، بحسب وسائل إعلام محلية.

وأفادت إدارة الإطفاء في نيويورك، بأن ما يقرب من 200 من رجال الإطفاء يشاركون في التعامل مع الحريق،مشيرة إلى أن المباني تحتوي على ما بين 150 و160 شقة سكنية.

وقال رئيس قسم إطفاء الحرائق في مدينة نيويورك جون إسبوزيتو، إن “الحريق دمر جميع الشقق في الطابق العلوي، كما امتد إلى السقف. في البداية، دخلت فرق الإطفاء للمبنى لتنفيذ عمليات البحث وإجلاء السكان، ولكن الحريق كان قد انتشر بسرعة كبيرة، مما جعل الوضع خطيرًا للغاية على رجال الإطفاء”.

كما تواجه مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأمريكية منذ أيام أسوأ حرائق غابات في تاريخها، إذ أشتعلت النيران في 34 ألف فدان من الأراضي، وأدت إلى إجلاء نحو 180 ألف شخص، وتدمير أحياء بالكامل على الجانبين الشرقي والغربي من المدينة.

وأسفرت الحرائق حتى الآن عن مقتل 11 شخصًا وتدمير ما يقرب من 10 آلاف مبنى، ومن المتوقع أن ترتفع هذه الأرقام، ولا تزال 5 حرائق غابات مستمرة في مناطق باليساديس وإيتون وكينيث وهيرست وليديا في لوس أنجلوس.

ويعد حريق باليساديس بين سانتا مونيكا وماليبو في غرب لوس أنجلوس وحريق إيتون في الشرق بالقرب من باسادينا من أكثر الحرائق تدميرًا في تاريخ المدينة، وقد حول أحياء بأكملها إلى رماد، ما دفع السلطات إلى إصدار أوامر إخلاء.

واستعانت السلطات بالسجناء لمواجهة الحرائق في ولاية كاليفورنيا، إذ نشرت إدارة الإصلاح والتأهيل 939 سجينًا وتم دمجهم مع إدارة الغابات والحماية من الحرائق لمساعدة ما يقارب 4700 من رجال الإطفاء، وفقًا لما نقلته شبكة “سي بي إس نيوز”.

وعلقت المشرفة في لوس أنجلوس، كاثرين بارجر على الدمار الهائل الذي خلفه حريق إيتون، قائلة إن “حجم التأثير اليوم أكبر من أي شيء رأيته في حياتي المهنية. لا يمكن قياس خسارة الموارد التاريخية في مركز إيتون كانيون الطبيعي، ومنتزه فارنسورث وملعب ألتادينا للجولف”.

صورة 2

ومن جانبه، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال اجتماع بالبيت الأبيض، أمس الجمعة، إن المشهد “أشبه بساحة حرب وعمليات قصف”، مشيرًا إلى أن المسؤولين يتوقعون أن تظل الرياح مصدر تهديد حتى أوائل الأسبوع المقبل على الأقل.

وعقب الحرائق، تراجعت أسهم شركات التأمين الأمريكية، أمس الجمعة، بعدما قدر محللون أن الخسائر المشمولة بالتأمين والناجمة عن حرائق الغابات في لوس أنجلوس قد تصل إلى 20 مليار دولار.

فيما يتوقع خبراء أن تلك الحرائق ربما تصبح “الكارثة الأكثر تكلفة في تاريخ الولايات المتحدة”، إذ قدرت شركة “أكيو ويذر” الخاصة للتنبؤات الجوية الأضرار والخسائر الاقتصادية بما يتراوح بين 135 و150 مليار دولار، مما ينبئ بصعوبة عملية التعافي وارتفاع تكاليف التأمين على أصحاب المنازل.

وعن الحد من الحرائق قال خبير الموارد المائية في جامعة كاليفورنيا، جريج بيرس في تصريحاته لـ شبكة “سي إن إن”، “لا أعرف نظام مياه في العالم مجهز لهذا النوع من الأحداث، فحتى الصنابير التي تعمل بكامل طاقتها لم تكن كافية لمكافحة حرائق بحجم تلك التي اندلعت هذا الأسبوع، خاصة عندما توقفت الموارد الجوية، مثل المروحيات والطائرات ذات الأجنحة الثابتة عن التحليق بسبب الرياح”.

صورة 3

واندلعت الحرائق في 7 يناير الجاري على مساحة صغيرة لكنها انتشرت بسرعة كبيرة، وهناك مجموعة من الأسباب التي أدت إلى شدة انتشار الحرائق والتي أهمها عاصفة الرياح القوية التي بدأت في سفوح الجبال إلى الغرب من لوس أنجلوس، وتُعرف هذه الرياح باسم “رياح سانتا آنا”، أو “رياح فون”، ويمكن أن تتسبب في اندلاع حرائق الغابات بشكل غير منتظم.

ويقول الباحث في علم الحرائق بجامعة إدنبرة روري هادن، “غالبًا ما يُعتبر المطر أمرًا سلبيًا بالنسبة للحرائق، فإذا انهمر المطر أثناء الحريق، فتأثيره سيكون سيئًا”، لكن هطول الأمطار الذي يسبق الحريق يمكن أن يؤدي إلى نمو كثيف للنباتات، مما يُشكل وقودًا محتملًا.

كما يمكن أن يكون تغير المناخ أحد الأسباب، وعلى الرغم من أنه من المبكر تحديد ما إذا كان لتغير المناخ دور في هذه الحرائق أو مدى تأثيره، إلا أن حرائق الغابات على مستوى العالم ارتبطت بتغير المناخ، فعدد الأيام التي يؤثر فيها الطقس على احتمالية اندلاع الحرائق في تزايد، كما أن تغير المناخ يجعل هذه الظروف أكثر شدة، وفقًا لما أورده مات ماكجراث لشبكة “بي بي سي”.

يقول هادن إن الخطر ليس ببساطة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة في العالم، بل يتعلق بتنوع الظواهر التي نشهدها، مضيفا: “الأمر لا يقتصر على الطقس الحار فحسب، بل يقترن بظروف الرياح الأكثر شدّةً، والأمطار التي تتيح للنباتات النمو”.

صورة 4

كما تلعب التضاريس دورًا، إذ أن تزيد تضاريس المنطقة الجبلية من خطر حرائق الغابات، ويقول هادن إن “الحرائق تنتشر بسرعة كبيرة عند صعودها إلى الأعلى، والعناصر الجغرافية مثل الأخاديد والشعاب يمكن أن تجعل الحريق شديدا للغاية بحيث يكون من الصعب – وربما المستحيل – على أي شخص أن يواجهه”.

وأشار عضو مجلس مدينة لوس أنجلوس السابق مايك بونين، إلى أن هذه التضاريس لا تزيد فقط من خطر انتشار الحرائق، بل تجعل الإجلاء أكثر صعوبة، ففي منطقة باليسيدز تشكل الطرق الضيقة على التلال تحديًا إضافيًا للأشخاص الذين يحاولون المغادرة.

صحفي مصري، خريج كلية الاعلام لعام 2010م، اهتم بالشأن العربي والدولي في الشرق الاوسط.