تتصدر تعديلات مدونة الأسرة في المغرب النقاشات المجتمعية والحقوقية، في ظل تباين الآراء حول المقترحات التي تهدف إلى معالجة الإشكالات المرتبطة بالزواج، الطلاق، والنسب.
وقد أثار مضمون التعديلات المرتقبة جدلاً واسعاً، خاصة ما يتعلق بتوسيع الحماية القانونية للنساء والأطفال، وضمان حقوق الحاضنات، وتبني الخبرة الجينية لإثبات النسب. في هذا السياق، تبرز دعوات لإصلاحات شاملة وواضحة تعزز العدالة الأسرية وتحد من التأويلات القانونية التي تعمّق الإشكالات الحالية.
في ظل هذا الجدل، سلطت جريدة هسبريس الإلكترونية الضوء على قرارات صادرة عن محكمة النقض، معتبرة إياها مرجعية مهمة في تحليل واقع تطبيق مدونة الأسرة. وقد كشفت القرارات عن إشكالات عملية متعددة تتعلق بتأويل النصوص القانونية، خاصة في قضايا الطلاق.
حللت هسبريس 1178 قرارا نشره الموقع الرسمي لمحكمة النقض منذ دخول مدونة الأسرة الحالية حيز التنفيذ، أي منذ حوالي عشرين سنة، وأظهر التحليل أن القرارات الصادرة في موضوع الطلاق ومستحقاته تحتل الرتبة الأولى بنسبة 26 بالمائة، متبوعة بقرارات في مواضيع ثبوت الزوجية وثبوت أو نفي النسب بنسبة 20 بالمائة، ثم تلك المرتبطة بالحضانة بنسبة 10 بالمائة، فالخاصة بالنفقة على الأهل والزوجة غير المطلقة بنسبة 10 بالمائة، وفي رتبة موالية حلت مواضيع النفقة بنسبة 9 بالمائة.
ولم تشكل القرارات المرتبطة بقضايا الإرث إلا 9 بالمائة، متبوعة بقرارات مرتبطة بالمحضون، أي الأطفال وقضاياهم كالسفر والسكن والدراسة وغيرها، بنسبة 5 بالمائة، والنسبة نفسها سجلتها قرارات مرتبطة بالكد والسعاية واقتسام الأموال المكتسبة خلال الزواج، أما القرارات التي تهم التعدد فقد حلت في آخر الترتيب ولم تشكل إلا 1 بالمائة.
وفي هذا الإطار، قالت نبيلة جلال، محامية وناشطة حقوقية، إن “غالبية الملفات التي تصل إلى مرحلة النقض تتعلق بإشكاليات بارزة على المستوى العملي، مثل قضايا إسقاط الحضانة، النزاعات حول النيابة الشرعية وإثبات النسب أو نفيه. وهذه القضايا أصبحت تمثل مشكلات حقيقية معروضة على المحاكم، ما يستدعي تدخلًا عاجلًا من المشرّع المغربي لمعالجتها”.
وأكدت جلال، ضمن حديثها مع هسبريس، وجود تطابق بين ما توصلنا إليه خلال بحثنا و”ما يظهر من الواقع المهني أمام المحاكم ومن القضايا التي نتعامل معها كمحامين ومحاميات، أو من خلال الجمعيات النسائية ومراكز الاستماع التي تقدم الدعم القانوني والنفسي للنساء”، مبرزة “وجود مشكلات متكررة قد تتقاطع مع المعطيات التي أُشير إليها”.
وقالت: “تظهر الملاحظات أن قضايا التعدد أصبحت نادرة جدًا، سواء على مستوى تقديم طلبات التعدد أمام المحاكم الابتدائية أو حتى على مستوى الطعون المقدمة أمام محكمة النقض. وهذا يعكس توجه المجتمع المغربي نحو إلغاء التعدد دون الحاجة إلى وجود نصوص قانونية صريحة. إذ يبدو أن مسطرة التعدد أصبحت تتعارض مع وعي المغاربة ومع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، بل وحتى مع القيم السائدة”.
من جانبها، قالت لطيفة بوشوى، عضو المكتب الوطني لفدرالية رابطة حقوق النساء، إن “الأرقام توضح طبيعة القضايا وأهمية التقاضي بالنسبة للمواطنين والمواطنات، خاصة مع استنفادهم مختلف المساطر والمراحل القضائية في العديد من القضايا الأسرية، بدءًا من الابتدائية والاستئناف وصولًا إلى محكمة النقض”.
وأكدت بوشوى في تعليقها على الأرقام التي حصلت عليها هسبريس أنها “تعكس حجم النزاعات المرتبطة بتدبير الحياة الأسرية بشكل عام”، مفيدة بأن “هذه النزاعات تُظهر أن التقاضي حق مشروع للأطراف، لكن هناك حاجة ملحّة اليوم إلى تسريع وتيرة القضاء، حيث يُعد القضاء آلية جوهرية لتفعيل القوانين ومعالجة الإشكالات الأسرية، على أن يتم تعزيز الإصلاح في مجال قضاء الأسرة والبت بطريقة عادلة وسريعة”.
قضايا الطلاق ومستحقاته
خلال بحثنا قمنا بالتدقيق بشكل مفصل في المواضيع التي تهم قضايا الطلاق ومستحقاته، وفي هذا الصدد حظيت القرارات الصادرة عن محكمة النقض المرتبطة بـ”التطليق للشقاق” بالنسبة الأكبر (48 بالمائة)، فيما تلك التي تهم نزاعات حول “مستحقات الفراق” نالت نسبة 20 بالمائة، تلتها قضايا مرتبطة بـ”المتعة” بنسبة 15 بالمائة.
كما أصدرت محكمة النقض قرارات في مواضيع أخرى مرتبطة بنزاعات الطلاق، مثل “إرجاع الحوائج وإفراغ بيت الزوجية”، و”استحقاق الصداق”، وكذا “فسخ عقد الزواج” بنسبة 5 بالمائة لكل منها، فيما 3 بالمائة من القرارات كانت مرتبطة بمواضيع “سكن الزوجة خلال العدة”.
وفي هذا الإطار، قالت بوشوى إن “الطلاق بجميع أشكاله يمثل أحد أكثر المواضيع تعقيدًا في مدونة الأسرة، وخصوصًا طلاق الشقاق الذي يُعد الأكثر شيوعًا”.
ونبهت بوشوى إلى أن “هناك حاجة ماسة لإعادة تنظيم إجراءات الطلاق بما يضمن حقوق الطرفين ويحقق العدالة”، مؤكدة كذلك ضرورة “مراعاة حقوق الأطفال، وضمان عدم إضرار الطلاق بمصلحتهم الفضلى”.
وزادت قائلة: “كما أن موضوع السكن، وخصوصا إخراج الحاضنة من بيت الزوجية بعد الطلاق، يعد قضية حساسة تحتاج إلى حلول قانونية تنصف النساء وتحمي الأطفال من التشرد والمآسي الاجتماعية”.
قضايا ثبوت النسب والزوجية
من ضمن القضايا التي دائما ما تثير الجدل، خاصة في ظل التعديلات الممكنة لمدونة الأسرة المقبلة، تلك المرتبطة بمواضيع إثبات النسب، وضمن القرارات الصادرة عن محكمة النقض التي عاينتها هسبريس كانت 20 بالمائة منها تهم مواضيع ثبوت الزوجية وثبوت أو نفي النسب، ضمنها 36 بالمائة تهم قضايا ثبوت الزوجية لوحدها، و33 بالمائة تهم ثبوت النسب فقط، فيما 18 بالمائة تهم “نفي النسب”، و13 بالمائة هي قضايا يرتبط فيها ثبوت الزوجية بثبوت النسب.
بهذا الخصوص، قالت جلال إن “قضايا إثبات النسب، ولا سيما في حالات الأبناء المولودين خارج إطار مؤسسة الزواج، من بين القضايا الشائكة والمعقدة في المنظومة القانونية المغربية”.
وتابعت: “على سبيل المثال، في الحالات التي تنشأ فيها علاقة بين بالغين ينتج عنها حمل، تلجأ العديد من النساء إلى مباشرة المساطر الجنحية. غير أنه عندما يتم رفع دعوى إثبات النسب أمام المحكمة، تُرفض غالبًا استنادًا إلى القاعدة الفقهية في الفقه المالكي التي تنص على أن (ابن الزنا لا يُنسب إلى أبيه)”.
وحسب توضيحات المحامية ذاتها: “يستند هذا الرفض إلى مقتضيات المادة 400 من مدونة الأسرة، التي تحيل إلى تطبيق الفقه المالكي في مسائل النسب. كما أن وسائل إثبات النسب محددة في القانون على سبيل الحصر، وتشمل الفراش الزوجي، الإقرار، والشبهة، مع تخصيص الشبهة للأبناء المولودين أثناء فترة الخطبة”، موردة أنه “نتيجة لذلك، ترفض المحاكم في كثير من الأحيان الاستناد إلى الخبرة الجينية لإثبات النسب، حتى في الحالات التي تتوفر فيها قرائن قوية تشير إلى أن الطفل هو بالفعل ابن الطرف الآخر”.
وزادت قائلة إن “هذا الوضع يشكل ضررًا واضحًا بمصلحة الطفل، خاصة أن المغرب ملتزم باتفاقية حقوق الطفل، التي تنص في مادتها 47 على حق الطفل في معرفة والديه البيولوجيين. وفي هذا السياق، قد تكون الدعاوى مرفوعة إما من قبل الأبناء بعد بلوغهم سن الرشد سعياً للحصول على اعتراف بنسبهم، أو من قبل الأمهات اللواتي يطالبن بحقوق أبنائهن. وفي كلتا الحالتين، يعكس العدد الكبير من قضايا إثبات النسب التي تصل إلى محكمة النقض مدى تمسك الأمهات والأبناء بحقهم المشروع في النسب”.
وأردفت: “في ظل التطور العلمي الحالي، الذي يتيح وسائل دقيقة مثل الخبرة الجينية لإثبات النسب، يصبح من غير المقبول أن يتم تقييد إثبات النسب بوسائل قانونية محددة على سبيل الحصر. وهذا يستدعي تدخلًا تشريعيًا عاجلًا لتوسيع نطاق وسائل إثبات النسب، بما يضمن حقوق الأطفال والأمهات، ويعزز العدالة الاجتماعية. فالحق في النسب ليس مجرد مطلب قانوني أو اجتماعي، بل هو حق أصيل للطفل يجب أن يصان ويُحترم، باعتباره حقًا إنسانيًا غير قابل للتنازل”.
من جانبها، قالت بوشوى إن “إشكالية إثبات النسب وثبوت الزوجية تثير العديد من التساؤلات، خاصة بعد إلغاء المادة 16 من مدونة الأسرة المتعلقة بتوثيق الزواج. استبدال توثيق الزواج بتوثيق الخطبة قد يفتح بابًا لإشكالات جديدة تتعلق بالحريات الفردية والعلاقات الرضائية.
بالإضافة إلى ذلك، غياب اعتماد الخبرة الجينية في إثبات النسب يُعد انتقاصًا من حقوق الأطفال، وهو ما أثار استياء الحقوقيين والمهتمين بالشأن النسائي، حيث يُعتبر هذا الحق من مقتضيات المصلحة الفضلى للطفل ومبدأ أساسيا ضمن الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب”.
المصلحة الفضلى للطفل
وفي الوقت الذي تنادي فيه فعاليات حقوقية ومدنية ومختلف فعاليات المجتمع بضرورة الحرص على احترام المصلحة الفضلى للطفل، أظهر تحليل البيانات التي حللتها هسبريس أن قرارات محكمة النقض التي ترتبط بالحضانة شكلت 11 بالمائة من مجموع القرارات التي تمت دراستها، في حين شكلت قضايا النفقة 10 بالمائة.
وأكدت جلال أن قضايا إسقاط الحضانة، وخصوصًا تلك المتعلقة بقرارات محكمة النقض، تُعد “من بين القضايا التي تُثير جدلًا واسعًا.
وقالت إن “إسقاط الحضانة هو حق قانوني للأب أو الأم، شريطة وجود أسباب واضحة ومحددة نص عليها القانون. من بين هذه الأسباب،
حرمان أحد الأبوين من حقه في زيارة طفله أو التحايل على الأحكام القضائية المتعلقة بالزيارة، وهو ما يخول الطرف المتضرر مباشرة مسطرة إسقاط الحضانة”.
ونبهت جلال إلى أن “الكثير من القضايا التي تعرض أمام المحاكم وتعكس ظلمًا صارخًا ترتبط بإسقاط الحضانة بسبب زواج الحاضنة، كما تنص عليه مقتضيات المادة 168 من مدونة الأسرة. فبموجب هذا النص، إذا كان الطفل قد تجاوز سبع سنوات ولم يكن مصابًا بأي مرض أو عاهة تستوجب بقاءه مع أمه، فإن زواج الحاضنة من أجنبي عن الطفل يُعتبر مبررًا قانونيًا للأب لمباشرة مسطرة إسقاط الحضانة”.
ونبهت إلى أنه “على الرغم من أن القانون يترك للقضاة تقدير مصلحة المحضون في مثل هذه الحالات، إلا أن العديد من الأحكام تتسم بالتطبيق الميكانيكي للنصوص القانونية. فبمجرد تقديم ما يُثبت زواج الحاضنة، تحكم المحكمة بإسقاط الحضانة إذا كان الطفل أقل من 15 سنة، دون النظر العميق إلى مصلحة الطفل الفضلى. ومع ذلك، هناك حالات استثنائية تستدعي فيها المحكمة الأطفال للاستماع إليهم، خصوصا إذا كانوا في سن 10 أو 11 أو 12 عاما، لمعرفة رغبتهم والوقوف على أفضلية بقائهم مع الأم أو الانتقال إلى الأب. هذا الإجراء يتماشى مع اتفاقية حقوق الطفل التي تنص على مبدأ الاستماع للأطفال، كما يبرز دور المساعدات الاجتماعيات في دراسة الظروف المحيطة بالطفل لتحقيق مصلحته الفضلى”.
وخلصت المحامية إلى القول إن “القضايا المتعلقة بإسقاط الحضانة التي تصل إلى محكمة النقض، خصوصا إذا كانت تعتمد على مقتضيات المادة 168، تعكس بالفعل طلبًا للإنصاف وإصلاح الظلم الذي قد يقع على الأمهات. وهذا يتطلب مراجعة شاملة للنصوص القانونية لضمان تحقيق العدالة ومراعاة مصلحة الطفل الفضلى كأولوية مطلقة”.
بدورها، قالت بوشوى: “لا بد من أن إعادة صياغة مدونة الأسرة يجب أن تراعي حقوق جميع الأطراف دون تمييز، وأن تنبني على الإنصاف والعدل والمساواة، وأن تكون منسجمة مع الدستور والاتفاقيات الدولية”.
وحسب بوشوى: “يتطلب ذلك معالجة الإشكالات القائمة بطريقة شاملة، بدءًا من توفير الوضوح القانوني، وتعزيز الموارد البشرية والتقنية للقضاء، وصولًا إلى ضمان الحقوق الأساسية للنساء والأطفال، بما يحقق العدالة ويحفظ كرامة الجميع”.
قضايا المحضون
واستأثرت قضايا أخرى تهم المحضون، مثل: السفر، والدراسة والتنقل وغيرها، بـ 5 بالمائة من مجموع القرارات التي قمنا بدراستها، ارتأينا تحليلها أيضا نظرا لأهميتها وانعكاساتها على الطفل.
وضمن المواضيع التي تهم المحضون، ارتبطت 44 بالمائة من القرارات بقضايا تهم سكن المحضون، فيما 20 بالمائة من القرارات ترتبط بواجبات التمدرس في مدرسة خصوصية، بينما شكلت قضايا السفر بالمحضون 16 بالمائة، تلتها قضايا زيارة المحضون بنسبة 15 بالمائة، وأخيرا 5 بالمائة من القرارات تهم “إرجاع الطفل لمكان إقامته الاعتيادية”.
وطالبت بوشوى بتعزيز القضاء باعتباره رافعة أساسية لتطبيق مدونة الأسرة، وقالت إن “مطالب الحركة النسائية، وضمنها فيدرالية رابطة حقوق النساء، تشمل، إلى جانب القضايا الجوهرية، تعزيز القضاء بالموارد البشرية والمالية لضمان معالجة الملفات الأسرية بموضوعية وسرعة ونجاعة، بما يجنب المجتمع المآسي الاجتماعية الناجمة عن التأخير في البت في القضايا”.
وشددت الفاعلة الحقوقية على أنه “من الضروري العمل على صياغة قانونية واضحة ودقيقة لمقتضيات مدونة الأسرة الجديدة، بما يحد من التفسيرات والتأويلات التي قد تؤدي إلى قرارات غير عادلة تمس حقوق النساء والأطفال، وهم الحلقة الأضعف في الأسرة”.
وذكرت بوشوى بأنه “تم التأكيد في البلاغ الملكي الأخير على ضرورة صياغة مشروع مدونة الأسرة بلغة قانونية واضحة ومقتضيات محكمة لا تقبل التأويل أو الاجتهاد الشخصي، تفاديًا للظلم الذي قد ينجم عن الغموض القانوني. النصوص القانونية الغامضة تُترك أحيانًا للتقديرات القضائية، ما قد يؤدي إلى قرارات مجحفة بحق النساء أو الأطفال. لذا، فإن الوضوح في الصياغة يضمن التوازن والإنصاف لجميع أطراف الأسرة”.
النيابة الشرعية
ضمن القرارات التي قمنا بدراستها، شكلت النيابة والولاية الشرعية نسبة 2 بالمائة. وبهذا الخصوص، قالت جلال إن “مسألة النيابة الشرعية من القضايا البارزة التي تظهر بوضوح في المحاكم، خصوصًا في بداية العام الدراسي. فعند التوجه إلى أقسام القضاء الاستعجالي، نجد هذه الأقسام مكتظة بالنساء اللواتي يواجهن مشكلات تتعلق بغياب الأزواج الذين هجروا أسرهم إلى وجهات مجهولة أو بامتناع المطلقين عن أداء مسؤولياتهم الأبوية تجاه أبنائهم”.
وأردفت قائلة: “تتجلى هذه المشكلات بشكل خاص في الإجراءات الإدارية، مثل نقل الأبناء من مدرسة إلى أخرى أو استخراج وثائق ضرورية، حيث يشترط القانون أو مدونة الأسرة وجود نائب شرعي. وبما أن النساء لا يستطعن مباشرة هذه الإجراءات إلا بإذن من القاضي، يُفرض عليهن الدخول في مساطر استعجالية، هدفها حماية المصلحة الفضلى للطفل. ومع ذلك، فإن هذه المساطر تتسم بكونها مُكلفة، سواء من الناحية المادية أو المعنوية، في وقت أصبحت فيه المرأة، اجتماعيًا واقتصاديًا، تتحمل معظم الأعباء المرتبطة بتربية أبنائها”.
واعتبرت جلال أن “هذا الوضع يكرّس نوعًا من الحيف القانوني الذي يمكن استنتاج حجمه من خلال العدد الكبير من الملفات المعروضة على محكمة النقض المتعلقة بالحق في النيابة الشرعية. ولو أُتيح لنا الاطلاع على حيثيات هذه القرارات، لوجدنا أنها تعكس انتهاكًا لحق طبيعي ومشروع، معترف به بموجب الدستور المغربي والمواثيق الدولية، لكنه يظل مقيدًا بنصوص مدونة الأسرة”.
وشددت المحامية ذاتها على أن “مسألة النيابة الشرعية تُعد من القضايا الملحة التي تتطلب تدخلًا تشريعيًا عاجلًا لتعديل النصوص القانونية بما يضمن إنصاف النساء وحماية حقوق الأطفال، مع تسهيل الإجراءات الإدارية بما يراعي الواقع الاجتماعي والاقتصادي”.