مُجددةً انتقادها توقف الدعم الاستثنائي لمهنيي قطاع النقل الطرقي منذ ماي الماضي، الذي عزته إلى “سياسة فاشلة للحكومة”، شددّت نقابات سيارات الأجرة بالمغرب على أن الزيادة في التعريفة أصبحت ضرورية، خصوصا أن “الانخفاضات المسجّلة في أسعار المحروقات طفيفة وهامشية، ومازال مستواها في ظل التعريفة الحالية يحرم المهنيين من هامش ربح محترم”.
وأفاد التنسيق الوطني لقطاع سيارات الأجرة بالمغرب بأن من بين ما سيناقشه من ملفات خلال اللقاء الوطني، المرتقب أن يلم فيه المهنيين، الأحد المقبل، “المشروع الحكومي الخاص بالدعم أو الإعانة المتعلقة بتعويض المهنيين عن ارتفاع أسعار المحروقات الذي تم توقيفه نتيجة سياسة فاشلة للحكومة”، معتبراً أن “ذلك أصبح يفرض الزيادة في تعريفة سيارات الأجرة”.
وكشف أحد ممثلي النقابات الملتئمة ضمن هذا التنسيق، في تصريح لهسبريس، أن “مطلب الزيادة في تعريفة سيارات الأجرة، بعد أن يتم تدارسه في اللقاء سالف الذكر، سوف يتم رفعه إلى وزارة الداخلية تحديدا”، مشددا على أن “المهنيين متضررون من توقف دعم المحروقات، لاسيما أن السعر الحالي للتر الواحد من المحروقات يجعل كلفة الرحلات مرتفعة بشكل يحرم المهني من الربح أحيانا”، وهي المبررات التي لا يقتنع بها حماة المستهلك.
الطرف الأخير الذي أبدى للجريدة رفضه الزيادة في التعريفة أكد أن “أسعار المحروقات حين أقرّ الدعم كانت مرتفعة بشكل كبير مقارنة بما هي عليه اليوم، إذ انتقلت من 16 درهما إلى 11 درهما، ما يعني انتفاء مبرر المطالبة بالزيادة بالنظر إلى توقف الدعم”، معتبرا أن “الأسعار الحالية لا تضر بربح مهنيي سيارات الأجرة”.
مبررات الطاكسيات
مصطفى الكيحل، الكاتب الوطني للاتحاد الديمقراطي المغربي للنقل، شددّ على أن “إيقاف الحكومة دعم المحروقات الموجه إلى مهنيي النقل الطرقي كان غير مبرر ولا أخلاقي وغير قانوني، لأن هذا الدعم كان مبنيا على توافق بينها وبين النقابات بأن يتم صرفه حتى لا يتم رفع أثمان الرحلات على المواطن المغربي”، وزاد موضحا: “الوزير المنتدب المكلف بالميزانية أكدّ بنفسه خلال اجتماع الحكومة بنا كنقابات أنه يدعم المهنيين حتى لا يقعوا في الخسارة أو يضطروا لرفع الأثمان”.
وأضاف الكيحل، في تصريح لهسبريس، أن “مطالبة المهنيين بالزيادة في تعريفة سيارات الأجرة مبنية على عدة أسباب مقنعة وموضوعية”، موردا أن “علاقة هؤلاء بالمواطن بموجب القانون تجارية ويتعيّن أن تكون مربحة، وكذلك طبيعة علاقة شركات المحروقات بالمهنيين؛ ولذلك فليس معقولا أنه في وقت تلجأ هذه الشركات إلى تخفيضات طفيفة قيمتها 20 سنتيما، رغم انخفاض سعر البرميل دوليا بشكل كبير، أن تربح هي ولا يربح مهنيو سيارات الأجرة”.
وتابع المتحدث ذاته: “المهنيون راعوا ظرفية كورونا وما تلاها من أزمات اقتصادية ولم يرفعوا الأثمان حفاظا على القدرة الشرائية للمواطن، لكن الآن مع توقف دعم المحروقات باتت الزيادة في التعريفة أمراً ملحاً”، مبرزاً أن “أوضاع مهنيي سيارات الأجرة بعد هذا التوقف مزرية، فبالنسبة لسائقي الصغيرة منها نجد أنهم مضطرون أحيانا لنقل أسرة من ثلاثة أفراد في رحلة بـ8 دراهم، قد تستهلك خلالها السيارة لترا بـ11 درهما، أو أكثر من لتر”.
ويستحضر معارضو الزيادة في تعريفة سيارات الأجرة أنه حينما تم الدعم في مارس 2022 كانت أسعار المحروقات مرتفعة بشكل كبير مقارنة بما هي عليه اليوم؛ إذ كان ثمن اللتر الواحد من الغازوال على سبيل المثال يبلغ 14 درهما، فيما يباع الآن بحوالي 11 درهما فقط، ما يعني “انتفاء مبرر الزيادة في التعريفة أو الحصول على الدعم”.
وتفاعلاً مع ذلك قال الكيحل: “في الفترة السابقة كان المهنيون يتوصلون بالدعم ولا يمكنهم أن يطالبوا بالزيادة في التعريفة”، مشددا على “ضرورة عدم أخذ الانخفاضات البطيئة والهامشية في أسعار المحروقات بعين الاعتبار، إذ حينما يكون سعر الغازوال 11,45 درهما للتر الواحد فهو في نهاية المطاف في نظر المهني كأنما يباع بـ12 درهما”، وزاد: “حينما يتراجع هذا السعر إلى 8 دراهم آنذاك يمكن الحديث عن وجود انخفاض”.
وبخصوص الجهة التي سَترفع إليها نقابات سيارات الأجرة مطلب الزيادة في التعريفة استبعد المتحدث أن تتم مراسلة العمال لإصدار قرارات في هذا الشأن، “بالنظر إلى أن القرارات العاملية أساسا يجب أن تخضع للتوافق مع الهيئات النقابية المعنية، ويشار إلى ذلك في البناء القانوني لهذه القرارات، وهو ما ليس مضمونا دائماَ”، مردفا بأن “هذا المطلب سيتم توجيهه لوزارة الداخلية، على أساس أن النقابات ستحرص على عدم الإضرار بمصالح المواطنين”.
تطلعات مرفوضة
عبد الكريم الشافعي، نائب رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك، قال إن “حماة المستهلك يرفضون الزيادة في تعريفة سيارات الأجرة رفضا باتا لأنه حينما تمّ إقرار الدعم لفائدة مهنيي القطاع والعاملين بالنقل الطرقي بشكل عام كان سعر الغازوال يتراوح بين 14 و16 درهماً، أما حاليا فلا يتجاوز 11 درهما”، مردفا بأن “هذا الدعم أوقفته الحكومة بالنظر إلى عدة اعتبارات أهمها إقرار الدعم الاجتماعي المباشر للطبقات الهشة”.
وعدّ الشافعي، في تصريح لهسبريس، أن “السعر الذي يسوق به الغازوال والبنزين في الوقت الحالي في المتناول، ولا يضر بأي حال بمهنيي سيارات الأجرة بصنفيها الكبير والصغير”، مشددا على أن “الحكومة وجّهت الدعم لفائدة مهنيي قطاع النقل خلال فترة غلاء أسعار المحروقات حتى تبقى كلفة النقل منخفضة، وبالتالي لا يتم المس بالقدرة الشرائية للمستهلك”، وتابع: “هذه التكلفة انخفضت بشكل كبير، فبالنسبة للنقل الدولي من أوروبا مثلا تراجعت من 16 مليونا إلى 3 و 4 ملايين”.
وأبرز المتحدث أن “المغرب من بين الدول التي بها أغلى أسعار المحروقات عالميا”، موردا: “لذلك فإن الحكومة مطالبة بتفعيل صلاحياتها المخولة في المادة 4 من قانون حرية الأسعار والمنافسة، من خلال تحديد هذه الأسعار، موازةً مع تدخل مجلس المنافسة لتنظيمها”، مشدداً على أن “مهنيي سيارات الأجرة مبدئيا غير متضررين من الأسعار الحالية، لكن من الواجب اتخاذ هذه الإجراءات لتخفيض كلفة النقل، عوض الزيادة في التعريفة التي ستلحق ضررا بجيوب المواطنين”.