مخاوف من “تفاوت بيداغوجي” بين كليات الطب الخاصة والعامة بالمغرب

مخاوف من “تفاوت بيداغوجي” بين كليات الطب الخاصة والعامة بالمغرب

أثار تنبيه نائبة برلمانية وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين ميداوي، إلى اعتزام كليات طب خاصة كائنة بالرباط والدار البيضاء تنفيذ قرار تقليص سنوات التكوين الطبي إلى ست سنوات على جميع الطلبة والأفواج بها، ضاربة عرض الحائط بما اقتضاه محضر الاتفاق الذي أنهى أزمة الكليات العامة، المتعلق بعدم تطبيق القرار على الأفواج الملتحقين قبل صدور القرار بالجريدة الرسمية، (أثار) مطالب تربويين بالتوضيح.

وكشفت النائبة البرلمانية عن حزب التقدم والاشتراكية، لبنى الصغيري، أنه رغم توقيع الاتفاق، “سيطرح أمام الطلبة المشكل البيداغوجي بين التكوين الأكاديمي العمومي والخصوصي، بسب قرار بعض الجامعات الخاصة بالطب في الرباط والدار البيضاء (…) السير قدما نحو العمل بما كان قبل الاتفاق، أي تنفيذ قرار تقليص مدة التكوين على جميع الطلبة والأفواج”.

وأوضحت النائبة عينها في سؤال إلى ميداوي، أوردته هسبريس في حينه، أن هذا الأمر سيؤدي إلى “تفاوت بيداغوجي سيساهم في تباين التكوين، حيث إن قيام الجامعات الخصوصية بتقليص مدة الدراسة لجميع الأفواج سيؤثر على جودة التكوين، إذ سيصبح الفارق الأكاديمي أزيد من 600 ساعة من التكوين بين الجامعات العمومية والخصوصية”.

وبحسب المعلومات المتوفّرة لهسبريس، فإن بعض كليات الطب الخاصة بالرباط، وأمام عدم انخراط طلبتها في الإضرابات، لجأت إلى “تنزيل قرار تقليص سنوات التكوين الطبي إلى ست سنوات، من خلال إعادة هيكلة الوحدات التي يتم تدريسها بكل سنة على حدة؛ إذ على سبيل المثال تم تدريس طلبة السنة الرابعة وحدات يتعيّن أن يتم تدريسها في السنة الخامسة”.

ويؤكد خبراء تربويون أنه “من الناحية القانونية يتعيّن على كليات الطب الخاصة أن تطبق مقتضيات محضر الاتفاق كاملة، بما في ذلك الإعفاء من قرار تقليص سنوات التكوين للأفواج الملتحقة بها قبل صدوره بالجريدة الرسمية، مع وجوب طلبها موافقة كتابية من الوزارة في حال قررت مخالفة ذلك”، مبرزين “الحاجة إلى صدور توضيحات في هذا الموضوع من قبل كليات الطب الخاصة المعنية والوزارة الوصيّة”.

“الحاجة للتوضيح”

في تعليقه على الموضوع، قال خالد الصمدي، كاتب الدولة للتعليم العالي سابقا، إن “وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار وصيّة على كليات الطب الخاصة والعامة، وقراراتها، بما في ذلك عدم تطبيق قرار تقليص سنوات التكوين الطبي إلى ست سنوات على الأفواج الملتحقة قبل صدوره بالجريدة الرسمية، تسري على جميع هذه الكليات”.

وأفاد الصمدي، في تصريح لهسبريس، بأنه “يتعيّن على الجامعات الخاصة المعنية إصدار بلاغات في الموضوع لقطع الشك باليقين، وعلى الوزارة الخروج ببلاغ أو جواب كتابي توضيحي تفاعلا مع سؤال النائبة المعنية، على أن الراجح أنها لن تتأخر في ذلك”.

وأوضح كاتب الدولة للتعليم العالي سابقا أن “كليات الطب الخاصة التي كان طلبتها يدرسون ولم يخوضوا إضرابات خلال فترة الأزمة، يتعيّن عليها إذا أرادت تطبيق ست سنوات على جميع الأفواج مراسلة الوزارة الوصية والحصول منها على موافقة كتابية، وهو ما لا نجد أن إحدى هذه الكليات قامت به إلى حدود الساعة”.

وأكد الخبير التربوي ذاته “استحالة تطبيق هذه الكليات قرار تقليص سنوات التكوين على الأفواج غير المعنية به بموجب محضر الاتفاق، بدون إصدارها بلاغا كتابيا في هذا الشأن، على أنه إذا ما ثبت لجوؤها إلى ذلك، فلن يكون بإمكانها الحصول على اعتماد وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار لشهادات الطلبة المنتمين إلى هذه الأفواج الذين سيتخرجون في ست سنوات”.

وشددّ على أن “هذه الكليات لا يمكنها أن تعتمد دفترا للضوابط البيداغوجية بدون مصادقة الوزارة. فإذا اعتمدته، يجب أن تعلن ذلك في بلاغ رسمي”، مؤكدا مرة أخرى أن “المطلوب هو أن تصدر الجامعات المعنية بلاغات توضيحية، والوزارة الوصية جوابا توضيحيا كذلك بخصوص هذا الموضوع”.

“موضوع استعجالي”

على النحو ذاته سار عبد الناصر الناجي، خبير تربوي رئيس مؤسسة “أماكن” لجودة التعليم، الذي قال: “قانونيا، فإن كليات الطب بالقطاع الخاص لا يمكنها أن تقوم بتطبيق قرار تقليص سنوات التكوين على جميع الأفواج، بما أن الاتفاق الذي وقعته وزارة التعليم العالي مع ممثلي تنسيقية الطلبة قضى بعدم تطبيقه على الأفواج الملتحقة قبل صدور القرار بالجريدة الرسمية”.

وأكد الناجي، في تصريح لهسبريس، أن “مثل هذا الموضوع لم يكن يستدعي وضع سؤال كتابي، نظرا لأن الإجابة عنه تتأخر غالبا، بما أن الحاجة للتوضيح بخصوص ما أثارته النائبة سالفة الذكر تكون مستعجلة”، غير مستبعد أن “اختيار الأخيرة للسؤال الكتابي ربما راجع إلى كونها لا ترى الأمر مستعجلا، أو ترى ضرورة التريث”.

وسجّل الخبير التربوي أنه “في حالة خالفت كليات الطب الخاصة (المذكورة من قبل النائبة) قرار إعفاء الأفواج الأربعة السابقة من تقليص سنوات التكوين الطبي، فسنكون أمام اختلاف في طبيعة التكوين بين طلبتها وزملائهم بكليات خاصة لم تتخذ القرار نفسه، فضلا عن طلبة الكليات العامة”، مشددا على أنه “لا يمكن للتفاهمات التي قد تحدث بين طلبة الكليات الخاصة الذين لم يخوضوا الإضرابات وإدارتها، أن تبرر خرق محضر الاتفاق، وهي لا تلزم الوزارة في شيء”.

وشددّ على أن “الوزارة مطالبة بتطبيق محضر الاتفاق على جميع طلبة الطب كيفما كانت الكليات التي يتابعون تكوينهم بها، خاصة أو عامة”، مؤكدا “إلزامية الإجابة على الجواب الذي وضعته النائبة البرلمانية المعنية”.