كتبت منة عثمان:
في حادثة هزّت لبنان وأثارت صدمة واسعة في المجتمع، أقدم خليل مسعود، زوج الإعلامية اللبنانية عبير رحال، على قتلها داخل محكمة شحيم الشرعية في إقليم الخروب، جنوب بيروت، ثم أقدم على الانتحار. الحادث وقع في 26 ديسمبر 2024 خلال حضور الزوجين لإتمام إجراءات الطلاق في المحكمة، ليحمل هذا اليوم مأساة جديدة تُضاف إلى سلسلة جرائم العنف الأسري في لبنان.
تفاصيل الجريمة
كان اليوم عادياً بالنسبة لعبير رحال وزوجها خليل مسعود، حيث حضرا إلى محكمة شحيم الشرعية لإتمام إجراءات الطلاق.
لكن هذا اليوم سرعان ما تحول إلى مأساة عندما أطلق خليل مسعود النار على زوجته الإعلامية عبير رحال داخل المحكمة.
وقع الحادث بشكل مفاجئ وبعيد عن الأنظار، حيث أطلق الجاني عدة طلقات على زوجته من مسافة قريبة، مما أسفر عن وفاتها على الفور.
بعد ارتكاب الجريمة، نشر الجاني مقطع فيديو عبر حسابه الشخصي على منصة فيسبوك، أظهر فيه دوافعه وراء ما أقدم عليه.
قال مسعود في الفيديو إنه يعاني من خلافات طويلة مع زوجته بشأن مسائل مالية، وخصوصًا حول عملها في موقع إلكتروني محلي يزعم أنه كان قد أسسه.
كما ذكر مسعود في الفيديو تفاصيل حول الأزمة التي نشأت بينه وبين زوجته على خلفية عملها، متهمًا بعض الأشخاص في محيطها بالتحريض ضدّه.
في نهاية الفيديو، أضاف مسعود جملة توديعية: “عندما تشاهدون هذا الفيديو، سأكون قد رحلت عن هذه الدنيا”، ليُكمل بعدها جريمته وينتحر باستخدام المسدس الذي كان بحوزته.
الخلفية الشخصية والمالية
العلاقة بين الإعلامية عبير رحال وزوجها كانت قد شهدت توترات شديدة في الفترة الأخيرة، وقد تفاقمت هذه التوترات بشكل كبير في الأشهر التي سبقت الحادث.
من إحدى أهم الأسباب التي نُسبت إلى نشوب الخلافات كانت المشاكل المالية، التي نشأت بسبب طبيعة العمل الذي كانت تمارسه الإعلامية عبير رحال في إحدى المواقع الإلكترونية.
حيث كان الزوج يعتقد أن زوجته قد تفرغت لهذه الأنشطة على حساب حياتهما الزوجية، مما دفعه للضغط عليها مرارًا لتقليص ساعات عملها أو التوقف عنه، لكن عبير رحال استمرت في مسيرتها المهنية، مما فاقم الوضع بينهما.
ردود الفعل والمجتمع اللبناني
أثارت الجريمة صدمة كبيرة في لبنان، لا سيما أن هذه الجريمة وقعت في محكمة، وهو مكان يفترض أن يكون آمنًا بعيدًا عن العنف.
كان قد شهد المجتمع اللبناني في السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في حالات العنف الأسري، حيث تطالب منظمات حقوق الإنسان بتشديد القوانين الخاصة بمناهضة العنف ضد النساء وتقديم مزيد من الدعم للنساء في المواقف الصعبة.
بعد الحادث، دعا العديد من النشطاء إلى تكثيف الجهود لمكافحة العنف الأسري وتوفير حماية أكبر للنساء في لبنان، مطالبين بتعديلات في التشريعات المحلية التي تتعلق بهذه القضايا.
دور الإعلام في الكشف عن الحقائق
لقد كانت الإعلامية عبير رحال من الأسماء البارزة في لبنان، ولها حضور قوي على الساحة الإعلامية.
تعرضها لهذه الجريمة داخل المحكمة يفتح الباب أمام العديد من التساؤلات حول دور الإعلام في تسليط الضوء على قضايا العنف الأسري.
إن غياب وسائل الإعلام عن تقديم إشارات تحذيرية للأفراد الذين يواجهون مثل هذه المشكلات قد يزيد من تعقيد الأوضاع.
وفي هذه الحالة، لعبت وسائل الإعلام دورًا محوريًا في نقل تفاصيل الحادث بسرعة إلى الجمهور، مما ساهم في تأجيج النقاشات حول العنف الأسري في المجتمع اللبناني.
حادثة قتل الإعلامية عبير رحال تبرز بشكل قاسي مدى خطورة العنف الأسري في لبنان.
هذه الجريمة لا تمثل فقط مأساة شخصية للإعلامية وعائلتها، بل هي دعوة صادقة للمجتمع اللبناني بأسره للوقوف ضد العنف الأسري.
تتطلب الحادثة مزيدًا من الإجراءات الحكومية والمجتمعية للحد من هذه الجرائم، وتوفير حماية أكبر للنساء اللواتي يعانين في صمت