كتب: محمد مرزوق

قال اللواء محمد بدر، الخبير والمحلل العسكري والسياسي وأحد أبطال حرب أكتوبر 1973م، في تصريح خاص لموقع “الحرية”، بكلمات تنبض بالحسرة على الصمت العربي والدولي، إنه يوجه تحية شكر وإعزاز وإجلال وإكبار للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، التي أثبتت بعزيمتها على مر الأيام أن هذا الكيان هش ويمكن هزيمته، فهي على مدار أكثر من 16 شهرًا متتالية تُكبد العدو الصهيوني خسائر فادحة في صفوفه العسكرية والميدانية على حد سواء، والجيش الصهيوني عاجز عن تحرير أسير واحد من أسراه.

المقاومة الفلسطينية الحصن الأخير الذي يتصدى للجرائم الصهيونية

وأضاف الخبير والمحلل العسكري والسياسي، في تصريحٍ خاص لموقع “الحرية”، أن هذا عمل بالمعايير العسكرية يصل إلى درجة الإعجاز العسكري والإعجاز الإنساني، مؤكدًا أنها الحصن الأخير الذي يتصدى لهذه الجرائم الصهيونية الدموية المارقة.

وأكد “بدر”، أن المقاومة الفلسطينية اليوم لا تدافع فقط عن أرضها وشعبها، بل تُلقن الاحتلال دروسًا في الصمود، ففي كل مرة يطلق الاحتلال عدوانه، تأتيه الصفعات متتالية من صواريخ المقاومة التي تُثبت أن هذه الأرض ليست لقمة سائغة وأن فيها رجال أشداء وهبوا أرواحهم ودماءهم من أجل تحرير هذه الأرض الطاهرة من دنس اليهود الملاعين.

وتابع: في كل صاروخ يُطلق من غزة، وفي كل حجر يُرفع بوجه الاحتلال، هناك رسالة لا تُخطئ بأن هذه الأرض لأصحابها، والاحتلال زائل لا محالة والمقاومة الفلسطينية ليست فقط قوة عسكرية، بل هي نبض حياة لشعب يأبى الانكسار.

وواصل: “أنا لا أعلق على مجازر الكيان الصهيوني التي يرتكبها ليل نهار جهارًا دون خوف أو وجل لأن الكيان الصهيوني زُرع في هذه المنطقة لكي يحدث هذه المجازر الدموية فهو لا يستثني أحد على الإطلاق طفل أو شاب أو امرأة أو بنت أو رجل أو شيخ أو مسن، وهذا هو المدون عندهم في الكتاب المقدس (التوراة المحرفة)، أن اقتلوا الأطفال جميعًا وأبقر بطون الحوامل”.

جيش الاحتلال الإسرائيلي عصابة إجرامية دموية

ووصف اللواء محمد بدر، الجيش الإسرائيلي بأنه عصابة إجرامية دموية، قائلاً: ما حدث في كمال عدوان ليس هجومًا عسكريًا بقدر ما هو تجسيد لوحشية الاحتلال الذي لا يفرق بين طفل وشيخ، بين مريض وطبيب، هذه العصابات المتخفية بزي جيش هي الوجه الحقيقي للإرهاب الدولي.

الصمت العربي أمام مجازر الاحتلال مشاركة غير مباشرة في الجريمة

وعبّر اللواء محمد بدر، عن حزنه الشديد إزاء الصمت الدولي والعربي، قائلاً: أن تبقى الأنظمة العربية صامتة في صمت مريب أمام مجازر كهذه، فهذا ليس مجرد خذلان، بل مشاركة غير مباشرة في الجريمة، وصمت المجتمع الدولي يؤكد ازدواجية المعايير وغياب أي رادع حقيقي للاحتلال، ويصل إلى حد التواطئ أو المشاركة المباشرة في هذا العدوان، حتى بالمعنى الإنساني، دون النظر لكونه شعب عربي شقيق ومسلم، إنسان يذبح ويقتل على مرأى ومسمع للجميع.

وكشف اللواء محمد بدر، عن حزنه العميق للصمت الدولي والعربي، الذي وصفه بـ”الخيانة العظمى للإنسانية”، قائلاً: “كيف يمكن للعالم أن يصمت أمام مشاهد الأطفال تحت الأنقاض؟ وكيف تستمر الأنظمة العربية في دور المتفرج، مكتفية ببيانات الإدانة الجوفاء؟ إن هذا الصمت يزيد من جرأة الاحتلال على ارتكاب المزيد من المجازر.

وأردف أن الاحتلال يعتمد سياسة الأرض المحروقة، حيث يضرب كل ما يدعم صمود الفلسطينيين، من المستشفيات إلى المدارس، بهدف بث اليأس والخوف، هذا القصف يأتي في سياق استراتيجية “الإفناء المعنوي” التي تنتهجها إسرائيل منذ سنوات، مضيفًا أنه في ظل غياب محاسبة دولية حقيقية، تسعى إسرائيل إلى تصعيد الهجمات على المنشآت الحيوية، بهدف خلق حالة من الانهيار الكامل في قطاع غزة، اقتصاديًا وإنسانيًا.

أما عن توقيت الهجوم، فيرى اللواء محمد بدر، أنه ليس مصادفة، بل تم اختيار نهاية العام لتوجيه رسالة سياسية قبل الاجتماعات الدولية المرتقبة بشأن القضية الفلسطينية، مضيفًا أنها محاولة إسرائيلية لإعادة رسم قواعد الاشتباك، واختبار مدى صلابة الموقف الدولي أمام هذا التصعيد الوحشي.

يجب قطع العلاقات العربية مع الجانب الإسرائيلي أو تجميدها

وأدان اللواء محمد بدر، احتفاظ غالبية الدول العربية إن لم تكن أكملها بأن يكون هناك سفراء لهم في إسرائيل ويسمحون للجانب الإسرائيلي بأن يوفد سفراء عندهم، قائلاً: “وسط كل هذه المجازر الدموية لماذا تصر هذه الدول العربية بأن يكون لهم سفراء في إسرائيل وأن توفد إسرائيل سفراء لهذه الدول العربية؟!، مطالبًا بقطع العلاقات العربية مع الجانب الإسرائيلي أو بتجميدها، مبينًا رفضه الشديد أن تكون هناك أي علاقات مع الكيان الصهيوني تحت أي مسمى مهما كان هذا المسمى.

وانتقد اللواء محمد بدر، غياب الدور المحوري لمصر في لملمة شتات الأمة العربية، مشيرًا إلى أن مصر، التي كانت يومًا درع الأمة وسيفها، تغيب اليوم عن دورها الوطني والإقليمي وعن مشهد الردع العربي ولم الشمل العربي الممزق، ومقاومة العدو الصهيوني بكل الوسائل الممكنة والمتاحة، حيث فلسطين تحتاج إلى موقف قوي يعيد للأمة هيبتها، ومصر قادرة، لو أرادت، على قيادة هذا الموقف؛ لكن مع الأسف الشديد مصر غادرت خندقها منذ عام 1948حتى حدوث كارثة كامب ديفيد ولم تعد إليه.

وتابع: “مع الآسف الشديد حتى الأنظمة العربية المتواطئة والمشاركة في العدوان على أطفالنا ونسائنا في قطاع غزة بالسلبية غير المبررة حتى لا تسمح بشعوبها أن تعبر عن غضبها، شئ لم أكن أتخيله في عقل أو أني أعيش لحظات مثل هذه، وأنا لا أعقب على جرائم الكيان الصهيوني بقدر ما أبديه من أسف وحزن عميق جراء الصمت العربي اللاذع الذي يصل لحد التواطئ، مبينًا إذا كان الكيان الصهيوني جاء بوعد بلفور فسنقضي عليهم بوعد الله تعالى وإذنه”.

وأشار اللواء محمد بدر، بمزيج من الألم والأمل، قائلاً: كل شهيد سقط في مستشفى كمال عدوان هو شاهد جديد على بشاعة الاحتلال وعار الصمت الدولي، لكن فلسطين لم تكن يومًا إلا عنوانًا للصمود، وغزة ستبقى شوكة في حلق المعتدي، والمقاومة الفلسطينية اليوم هي صوت كل من يبحث عن الحرية والكرامة، وعلى العالم أن يختار بين الوقوف مع الحق أو الاستمرار في وصمة العار.

وجه اللواء محمد بدر، نداء عاجل موجه إلى المجتمع الدولي والعالم العربي، قائلاً: “آن الأوان لكسر حاجز الصمت، هذه الدماء التي تسيل في غزة هي وصمة عار في جبين الإنسانية، يجب على الدول العربية والإسلامية التحرك الفوري لوقف هذا العدوان، والعمل على تقديم قادة الاحتلال للمحاكمة أمام المحاكم الدولية، حيث إن ترك الفلسطينيين وحدهم في مواجهة هذه الجرائم يجعلنا جميعًا شركاء في الجريمة”.

  1. واختتم الخبير والمحلل العسكري والسياسي: “ما حدث في كمال عدوان لن يُمحى من ذاكرة الإنسانية، ودماء الشهداء ستظل لعنة تطارد الاحتلال وأعوانه، وصرخات المقاومة ستظل نبراسًا يضيء درب التحرير.، وعلى الأمة العربية أن تستفيق، فالقضية الفلسطينية ليست مجرد أرض محتلة، بل هي شرف أمة بأسرها، وغزة ستبقى عصية على الانكسار، مهما تكالب عليها الطغاة، فكل شبر من الأرض يحمل ذاكرة صمود، وفي غزة التي تسطر البطولات وسط رماد الحرب، وتظل في ظل هذا المشهد المقاومة الفلسطينية رمزًا للكرامة، والاحتلال عنوانًا للعار، والتاريخ لا ينسى، بل يسجل، وسيأتي يوم الحساب، وستبقى فلسطين القلب الذي لا ينكسر، والمقاومة التي لا تُهزم”.
. .yocq