وسط ترقب بدء استفادة شرائح واسعة من الموظفين المغاربة من زيادات غير مباشرة في أجورهم الصافية تصل إلى 400 درهم، كأثر لتخفيضات ضريبية أقرت لفائدتهم في قانون المالية لسنة 2025، جددت تنظيمات وهيئات للمتقاعدين مطلبها بتفعيل مبدأ تطبيق الزيادة في المعاشات عند أي زيادة في الأجور، الذي نص عليه قانون نظام المعاشات المدنية، خاصة وأن “الإعفاء الضريبي سيكون بلا أي أثر مادي على معاشات نحو 97 في المئة من المتقاعدين”.
وينص القانون رقم 011.77 المحدث بموجبه نظام المعاشات المدنية، في الفصل 44 مكرر، على أنه “يضاف إلى معاشات التقاعد ومعاشات المستحقين عن أصحابها بمقتضى هذا القانون كل زيادة تطرأ على المرتب الأساسي المخصص للدرجة والسلم والرتبة أو الطبقة التي كان ينتمي إليها فعلا الموظف أو المستخدم عند حذفه من سلك الموظفين أو المستخدمين التابع له”.
وبعد “عدم تفعيل هذا المقتضى خلال إقرار زيادة 1000 درهم في أجور الموظفين بموجب اتفاق جولة الحوار الاجتماعي أبريل 2023″، أصرت التنظيمات التي تحدثت لهسبريس على أن ما سيترتب “عن التخفيضات الضريبية في قانون المالية للسنة المقبلة من زيادات للموظفين مقابل غياب الأثر المادي للإعفاء الضريبي للمعاشات، يفرض على الحكومة التدارك من خلال تفعيل هذا المقتضى وإقرار زيادة مماثلة في معاشات المتقاعدين”.
في هذا الإطار، قال المصطفى البويهي، منسق فيدرالية المتقاعدين بالمغرب (FRM): “بالفعل، أقرت الحكومة إعفاء لمعاشات المتقاعدين بشكل كامل من الضريبة على الدخل، مقابل استفادة أجور الموظفين من نسب متفاوتة من التخفيضات الضريبية، لكن القرار الأول بلا آثر مادي على المتقاعدين، في حين بموجب الثاني ستعرف تلك الأجور زيادات محترمة”، لافتا إلى أن “فئة قليلة من المتقاعدين، الذين يتقاضون معاشا مرتفعا، هم من سيستفيدون من زيادات طفيفة بموجب الإعفاء الضريبي”.
وأضاف البويهي، في تصريح لهسبريس، أن “قرار الإعفاء الضريبي لن يرتقي بوضعية المتقاعدين في المغرب، أو يحسن قدرتهم الشرائية التي تدهورت كثيرا نتيجة ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والأساسية”، مبرزا أن “عدم إمكانية ترتب الإجراء الضريبي الذي هم المتقاعدين في قانون المالية، عن أي زيادات في معاشاتهم، مقارنة بما سيترتب عن ذلك الذي يخص الموظفين من زيادة في الأجور الصافية للمعنيين، يجعل من الضروري أن تعمل الحكومة على تطبيق مقتضيات قانون نظام المعاشات المدنية”.
وذكّر منسق فيدرالية المتقاعدين بالمغرب بأن “هذا القانون يقضي بأن كل زيادة في أجور الموظفين ضمن درجة وسلم معينين، يجب أن تعقبها زيادة في معاشات المتقاعدين الذين كانوا يشتغلون ضمن تلك الدرجة وذلك السلم قبل تقاعدهم”، مردفا: “لو كان يتم تطبيق هذا المقتضى من قبل الحكومات المتعاقبة، لكنا استفدنا قبلا من جميع الزيادات التي طرأت على أجور الموظفين منذ سنة 2010”.
وشدد على أنه “يتعين على الحكومة تطبيق هذا النص، من خلال زيادة مباشرة في معاشات المتقاعدين مماثلة لتلك التي طرأت على أجور الموظفين، مع ضرورة القطع مع اللجوء إلى الزيادة للأخيرين في التعويضات، حتى لا تكون (الحكومة) ملزمة بأي زيادة في المعاشات”.
وقال منسق فيدرالية المتقاعدين بالمغرب (FRM) إن “الإجراء الذي كان الأجدر بأن يتم اتخاذه هو إقرار زيادة مناسبة في معاشات المتقاعدين، عوض إقرار الإعفاء الضريبي الذي لن يستفيد منه سوى غير المتضررين أساسا من هزالة المعاشات”، مشيرا إلى أن “هناك يقظة كبيرة في صفوف تنظيمات المتقاعدين بشأن ضرورة التمسك بالزيادة في المعاشات وعدم الاقتناع بأي خطوة لا يستفيد منها على أرض الواقع كافة المتقاعدون”.
من جهته، قال لحسن موموش، الكاتب العام لاتحاد متقاعدي التعليم بالمغرب، إن “الإعفاء الضريبي الذي أقر للمتقاعدين لن يحمل أي زيادة في معاشات 97 في منهم، لأنها كانت معفيا أساسا، بخلاف الموظفين الذين ستمكنهم التخفيضات الضريبية المقرة في قانون المالية من زيادات في أجورهم الصافية”، مشيرا إلى أنه “ضمنيا، فإن المتقاعدين يجب أن يحظوا بدورهم بإجراءات من الدولة تحقق زيادات في معاشاتهم، لا أن تكون بدون آثر”.
وأكد موموش، في تصريح لهسبريس، أنه “بما أن الحكومة لم تشمل المتقاعدين بالزيادات التي أقرت في جولة الحوار الاجتماعي في أبريل، كان عليها أن تتخذ من خلال قانون المالية للسنة المقبلة، تدابير ترفع من قيمة هذه المعاشات”، مضيفا: “أساسا، يتعين عليها تطبيق ما نص عليه القانون المتعلق بنظام المعاشات المدنية من ضرورة الزيادة في المعاشات عند أي زيادة في أجور الموظفين”.
وتابع بأن “عدم تطبيق هذا المقتضى القانوني جعل معاشات المتقاعدين جامدة لأزيد من عشرين سنة، رغم الكثير من الزيادات التي تم إقرارها لفائدة الموظفين خلال هذه الفترة”، مشددا على “ضرورة تطبيق هذا القانون، لأن ثقل غلاء المعيشة يتحمله الموظفون كما المتقاعدون، وهؤلاء بشكل مضاعف”.
وذكر المتحدث عينه أن “أمل تنظيمات المتقاعدين بعد الإقصاء من مخرجات الحوار الاجتماعي كان هو قانون المالية للسنة المقبلة، إلا أنه لم يأت بأي جديد بالنسبة إليهم سوى الإعفاء الضريبي الذي يهم نسبة قليلة منهم”.
وأكد الكاتب العام لاتحاد متقاعدي التعليم بالمغرب “استمرار هذه التنظيمات خلال السنة المقبلة في الدفاع عن مطالبها، عبر برنامج يتضمن تكثيف الندوات الصحافية والوقفات الاحتجاجية التي ستنظم دوريا طيلة السنة، إلى حين استجابة الحكومة لهذه المطالب من خلال الزيادة في المعاشات وفي حدها الأدنى”.