أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، عبد العزيز راجي، تراجع أعداد المغاربة الملتحقين ببؤر التوتر في العالم خلال السنة الفارطة، مفيدا بكون الأخيرة شهدت استقرار نسبة القضايا المرتبطة بالإرهاب المعروضة على أنظار هذه المحكمة في المستوى نفسه المسجل سنة 2023، مبينا على صعيد آخر انحسار نسبة الاعتقال الاحتياطي بدائرة الرباط إلى حوالي 8 في المئة، بفعل تطبيق المعايير الدولية ودوريات رئاستي المجلس الأعلى للسلطة القضائية والنيابة العامة.
جاء ذلك خلال كلمة المسؤول القضائي في جلسة “افتتاح السنة القضائية 2025” بالدائرة القضائية لمحكمة الاستئناف بالرباط، الخميس بقصر العدالة بالعاصمة الإدارية، حيث أفاد بتسجيل المحكمة خلال السنة الفارطة “90 محضرا متعلقا بقضايا الإرهاب، قدم بموجبها لدى النيابة العامة 105 أشخاص، فيما سجلت سنة 2023 ما مجموعه 87 محضرا، قدم بموجبها 104 أشخاص”.
وأوضح عبد العزيز راجي أن “هذه المعطيات الإحصائية تبين محافظة القضايا ذات الطابع الإرهابي المعروضة على أنظار هذه المحكمة على النسبة نفسها المسجلة خلال السنة المنصرمة، كما أن عدد الأشخاص الملتحقين ببؤر التوتر والعائدين منها انخفض بشكل ملحوظ”، مبرزا أن “ذلك راجع لاندحار الجماعات الإرهابية التي كان يتم الالتحاق بها، بفعل المجهودات الدولية وحنكة ويقظة مختلف الأجهزة الأمنية الوطنية التي تتدخل بشكل استباقي”.
في هذا الصدد، كشف المسؤول ذاته أن “غرفة التحقيق الأولى المختصة في قضايا الجريمة الإرهابية سجلت خلال السنة الماضية 91 ملفا، أضيف منها 32 ملفا مخلفا عن السنة الفارطة، وقد صفي منها 82 ملفا، أي بنسبة تصفية من المسجل بلغت 90,91 في المئة”.
بالموازاة، “راج لدى الغرفة الابتدائية المكلفة بجرائم الإرهاب 191 ملفا، حوكم منها 172 ملفا، أي بنسبة تصفية فاقت 92 في المئة”، وفق راجي، مشيرا إلى سعي المحكمة للاستفادة من التجارب الدولية في هذا الإطار من خلال تنظيم عدة ندوات السنة الماضية.
وأكد المتحدث أن “الحماية القانونية للنظام والأمن العامين من الثوابت للسياسة الجنائية التي تستحضرها النيابة العامة عند ممارسة صلاحياتها القانونية المتصلة بتحريك الدعوة القضائية”، مضيفا أنه “في هذا الإطار، بحكم اختصاص المحكمة في البت وطنيا والتحقيق والحكم في قضايا الإرهاب، فقد كان الاهتمام بتصريف هذه القضايا متميزا لما لها من ارتباط بأمن وسلامة المواطنين”.
جرائم الأموال
وبالنسبة للشكايات المرتبطة بالجرائم المالية، فقد سجلت لدى غرفة التحقيق المختصة في القضايا المالية، كما استعرض الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، “119 ملفا خلال سنة 2024، بلغت نسبة المنجز منها 91,60 في المئة”.
وبلغ مجموع المحاضر العادية والتلبسية المنجزة المرتبطة بقضايا جرائم الأموال 178 ملفا، تمت تصفية 93 ملفا منها، فيما بلغت نسبة الانجاز من الرائج 52,25 في المئة، ونسبة الإنجاز من المسجل 74,40 في المئة.
وأكد عبد العزيز راجي أن “غياب الشفافية في تدبير الشأن العام واختلاس المال العام، تعد من أكثر جرائم المال العام إثارة لاهتمام الرأي العام الوطني لما لها من آثار على الأشخاص والاستثمار”، مبرزا حرص النيابة العامة على الالتزام بأدوارها القانونية في هذا الجانب.
الاعتقال الاحتياطي ينحسر
وفيما بلغ خلال سنة 2024 عدد الأشخاص الذين تم تقديمهم أمام النيابة العامة 3612 شخصا، بينهم 3024 قدموا في حالة اعتقال، و583 في حالة سراح، كشف الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط أن “نسبة الاعتقال الاحتياطي خلال السنة الفارطة لم تتجاوز 8.13 في المئة”، مؤكدا أن النيابة العامة تضع ترشيد هذا الاعتقال أولوية، وتلتزم بدوريات رئاسة المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة في هذا الصدد.
وتفاعلا مع سؤال لهسبريس حول أسباب هذا “الانحسار”، قال عبد العزيز راجي إنه راجع إلى “مواصلة تطبيق المعايير الدولية للاعتقال الاحتياطي”، مستدركا بأن “المشكل المطروح هو كون التشريع الوطني يطرح إشكالية في مفهوم المعتقل الاحتياطي”.
وشرح المتحدث أنه “في حين نجد أن في التشريعات المقارنة، أي في الدول الأخرى، تنتفي صفة المعتقل الاحتياطي عن المعني بمجرد أن يصدر عليه حكم ابتدائي، فإنه بموجب قانون المسطرة الجنائية المغربية يظل المعتقل معتقلا احتياطيا إلى حين صدور حكم حائز لقوة الشيء المقضي به، بمعنى إلى أن تبت محكمة النقض في طلب النقض الذي يقدمه”.
وكشف أن “هذا الأمر قد يستمر بالنسبة لبعض الملفات المعقدة، فيظل الشخص حاملا لصفة المعتقل الاحتياطي، وهو ما يساهم في رفع نسبة الاعتقال الاحتياطي التي لا تعكس بأي حال النسبة الحقيقية للمعتقلين الاحتياطيين في المحاكم”.
وكان المصطفى لغزال، الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالرباط، أكد خلال الجلسة ذاتها أن “نسبة التصفية من القضايا المسجلة بالمحكمة خلال السنة الفارطة بلغت 107.84 في المئة، في حين بلغت نسبة المحكوم من الرائج 62,10 في المئة”، مفيدا بأنه على مستوى المحكمة الابتدائية بالرباط، “بلغت نسبة المحكوم من المسجل 103,72 في المئة، في حين بلغت نسبة التصفية من الرائج 96,56 في المئة”.